• ×

نموذج مستعمرة : النوع قائمة

بث مباشر || قناة القرآن الكريم || Makkah Live

الفصل الثالث: التعدين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

مدخل
...
الفَصلُ الثَّالِث: التعدين
يعد التعدين واحدا من أقدم الأنشطة التي مارسها الإنسان، ولذا فإن استخدام المعادن كان على درجة كبيرة من الأهمية في مراحل تطور الحضارة البشرية حتى إن ذلك ينعكس على مسميات هذه المراحل مثل العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث وعصر النحاس وعصر البرونز وعصر الحديد وقد تركزت الاستخدامات القديمة للمعادن في صنع الأدوات والأسلحة والأواني وفي إنشاء المباني والقنوات والطرق.
وبالرغم من أن الاستخدامات المبكرة للثروة المعدنية كانت واسعة الانتشار نسبيا إلا أن التطور الحقيقي للتعدين قد بدأ مع الثورة الصناعية وازداد أهمية بعدها، فقد حل الفحم والقوى المائية المباشرة محل أخشاب الغابات كمصادر للوقود، كذلك فقد استخدمت الأحجار والصلصال لبناء المصانع والمنشآت الأخرى والحديد والمعادن الأخرى للآلات الصناعية ووسائل النقل ولا ريب في أن الحضارة البشرية الحديثة تعتمد اعتمادا جذريا على مصادر الطاقة كالفحم والبترول والغاز الطبيعي والقوى الكهرومائية وعلى المعادن الفلزية للآلات، والأجهزة المختلفة التي ساعدت على نقل الإنسان والسلع والأفكار برا وبحرا وجوا كما أدت إلى تضاعف القدرة الإنتاجية للإنسان عدة مرات وعلى المعادن اللافلزية لاستخدامها في آلاف المنتجات التي يستفيد منها الإنسان.
وقد كان الإنتاج المعدني في العالم منخفضا جدا في خلال القرن الثامن عشر ومتوسطا في القرن التاسع عشر ولكنه تزايد على الأقل ثمان مرات خلال القرن العشرين، ولذا فإنه يقدر أن أكثر من نصف كمية الإنتاج المعدني من كل عناصر الثورة المعدنية منذ بدء استخدامها حتى الوقت الحاضر قد عدن واستخرج بعد سنة 1900.
التعدين والأيدي العاملة:
يعد التعدين من الحرف التي يعمل بها عدد قليل من الأيدي العاملة إذا ما قورن بأوجه النشاط الاقتصادي الأخرى حيث تقدر نسبة العاملين به 2% فقط من مجموع القوى العاملة في العالم وتختلف هذه النسبة من دولة لأخرى ففي الدول المتقدمة صناعيا وتعدينيا فإن نسبة العاملين في التعدين تتراوح بين 1.5%، 3.3% من جملة العاملين بها، فتصل هذه النسبة إلى 3.3% في غرب أوروبا، وإلى 3% في كندا 2.2% في الولايات المتحدة واليابان حوالي 2% فقط، وتزداد هذه النسبة في بعض الدول النامية التي تنتج كميات كبيرة من المعادن للتصدير حيث تتراوح بين 3.5% و 6% ولكن هذه النسبة ترتفع ارتفاعا كبيرا في المناطق التعدينية في داخل بعض الدول حيث يعمل نصف عدد سكانها أو أكثر من النصف في حرفة التعدين، كما أن عددا كبيرا من باقي السكان يعملون في تجهيز الخامات المعدنية ونقلها من مناطق التعدين إلى مناطق استخدامها.
على أنه ينبغي القول بأن أهمية التعدين كحرفة لا تكمن فقط في عدد العاملين بها بل يرتبط بها أيضا متوسط إنتاجية العامل بالآلات والأساليب التقنية الحديثة، والتي تصل إلى أضعاف إنتاجية العامل في الحرف الأخرى مثل صيد الأسماك أو قطع الأخشاب أو الزراعة بالرغم من استخدام الأساليب الحديثة في هذه الحرف أيضا.
أنواع الثروة المعدنية
مدخل
...
أنواع الثروة المعدنية Type of minerals:
يقصد بموارد الثروة المعدنية Minerals كل ما يستخرج من القشرة الأرضية عن طريق حرفة التعدين Mining وتنقسم هذه الموارد إلى قسمين كبيرين هما:
أولا: المعادن الفلزية Metals
ثانيا: المعادن اللافلزية Nonmetals
ويضمان الموارد التالية تفصيلا:
أولا: المعادن الفلزية:
تنقسم المعادن الفلزية إلى الأنواع التالية:
1- المعادن الحديدية Ferrous: وتشمل الحديد ذاته والذي ينتج من خامات الهيمانيت والماجنتيت والليمونيت والبيريت وتستخدم كلها في صناعة الحديد الصلب، والذي يعد بدوره أساسا لآلاف الصناعات والسلع الإنتاجية والاستهلاكية.
2- السبائك الحديدية Ferro - alloys: وتشمل المنجنيز والكروم والنيكل والموليبدنم والتيتانيوم والفاناديوم والتنجستين والكوبالت وغيرها من المعادن التي تستخدم بكميات قليلة لإنتاج أنواع معينة من الصلب مثل الصلب المقاوم للحرارة الشديدة والصلب غير القابل للصدأ والصلب المستخدم في الآلات القاطعة وغيرها.
3- معادن غير حديدية nonferrous: وتشمل الألمنيوم والنحاس والرصاص والزنك والقصدير والثوريوم واليورانيوم وغيرها.
4- المعادن الثمينة Precious metals: وتشمل الذهب والفضة والبلاتين.
وتشترك هذه المعادن في بعض الخواص المشتركة مثل البريق أو اللمعان الخاص كما أنها تكون صلبة في درجات الحرارة العادية ولكنها تنصهر عند التسخين الشديد بدرجات حرارة عالية، ونظرا لقابليتها للطرق فيمكن تشكيلها بأي طريقة وبدرجات صلابة مختلفة، كذلك فإنها تتميز بالمرونة وبإمكان سبكها مثل الصلب الذي يعد سبيكة من الحديد والمنجنيز وبعض السبائك الحديدية الأخرى، والبرونز سبيكة من النحاس والقصدير والعملات المعدنية سبائك من الذهب والنحاس والفضة وغيرها. كذلك فإن بعض هذه المعادن يعد موصلا جيدا للكهرباء.
ثانيا: المعادن اللافلزية:
يمكن تقسيم الموارد اللافلزية إلى:
1- مصادر الطاقة والوقود المعدنية Mineral Fuels وتشمل البترول والفحم والغاز الطبيعي "وحديثا جدا اليورانيوم والثوريوم لاستخدامهما في إنتاج الطاقة الذرية"، ويعتبر الكثيرون هذه المجموعة من المعادن اللافلزية أكثر الموارد المعدنية أهمية ذلك لأنها تولد القوة التي تدير آلات المدنية المعاصرة والحديثة.
2- المخصبات المعدنية Mineral fertlizers وتشمل النترات والفوسفات والبوتاس وهي لا تستخدم فقط في إنتاج النترات والأسمدة، بل في كثير من الصناعات الكيماوية.
3- الأحجار الكريمة Gem stones وتشمل الجمشت amethyst والزبرجد aqua marins والماس والزمرد واليشم jade والعقيق والفيروز Turquoise وغيرها. وهي قليلة الأهمية في الصناعة باستثناء الماس الذي يستخدم في آلات القطع الحادة بسرعة عالية.
4- الصخور والأحجار: وتشمل الجبس والملح والكبريت والميكا والتلك والصلصال والحصى والرمال والرخام وغيرها من الصخور الأخرى.
5- المياه: بالرغم من أنه ليس من المعتاد إدراجها ضمن هذا التصنيف إلا أن المياه تعد من الموارد الهامة للغاية لتوليد الطاقة الكهرومائية ولكثير من الصناعات المختلفة.
طرق التعدين:
تستخرج معظم موارد الثروة المعدنية في العالم بطريقتين هما: طريقة التعدين السطحي Surface mining وطريقة التعدين الباطني underground وتعد طريقة التعدين السطحي أقل في تكاليفها من التعدين الباطني كما أنها أكثر مرونة إذ يمكن بسهولة زيادة الإنتاج أو تقليله حسب العرض والطلب على المعدن، إلا أن هذه الطريقة أكثر تأثرا بالأحوال الجوية حيث قد يتعذر العمل إذا انخفضت درجة الحرارة كثيرا أو تساقطت الثلوج بشدة.
وتتضمن طريقة التعدين السطحي عدة طرق فرعية من أبسطها الأوعية اليدوية hand - panning "أوعية معدنية مستديرة قليلة العمق لفصل الذهب بغسله وفصله عن الأتربة" في الحصى النهري لاستخراج الذهب والماس والبلاتين، وقد حلت محلها الآلات الحديثة في تعدين هذه المعادن وغيرها مثل القصدير في إندونيسيا والملايو وذلك في الكثير من الأحوال، كذلك تشمل هذه الطريقة السطحية طريقة الحفر المكشوفة Open pits لاستخراج كثير من المعادن مثل الحديد الخام والنحاس والبوكسيت والصلصال والأحجار وغير ذلك وبعض هذه الحفر واسع للغاية مثل حفرة هل -رست- ماهونج Hull-rust في منسوتا التي يصل طولها إلى 4 كيلو مترات وعرضها 1.6 كيلو متر وعمقها 130 مترا.
أما التعدين الباطني فأكثر تكلفة وأقل مرونة ذلك أن التوقف عن الإنتاج يتطلب صيانة مستمرة للمنجم ولذلك فإن الخامات المعدنية التي تستخرج بطريقة التعدين الباطني ينبغي أن تكون ذات قيمة عالية تعوض من تكاليف استخراجها وأبرز طرق التعدين الباطني طريقة الآبار العميقة والأنفاق Shaft and tunnel mining مثل تعدين الفحم والرصاص والزنك والموليدنم والملح والنحاس وخام الحديد والذهب والفضة والبوتاس وغير ذلك. وهو أقل تأثيرا في المظهر الأرضي بعكس النوع الأول من طرق التعدين، كذلك إذا لم تقوَّ جوانب الأنفاق فإنها قد تتعرض للانهيارات، وقد تكون الآبار رأسية أو أفقية أو مائلة في الطبقات الصخرية حسب موقع المعدن بها وسهولة الوصول إليه، وبالإضافة إلى هذه الطرق لاستخراج المعادن هناك طريقة الضخ لاستخراج البترول والغاز الطبيعي.
ولا تقتصر مراحل الإنتاج المعدني على استخراج المعدن من القشرة الأرضية فقط، بل تشمل الإعداد للتعدين بعد العثور على المعدن واختيار الوسائل المناسبة لعملية التعدين ومد طرق النقل لتيسير شحن الخامات المستخرجة ثم بعد ذلك مرحلة استخراج المعدن ذاته بإحدى الطرق السابقة سواء كانت سطحية أو باطنية. ويعقب ذلك تجهيز المعدن المستخرج حيث يتطلب بعض العمليات التجهيزية حتى يتحول إلى سلعة اقتصادية يمكن استخدامها مباشرة في الصناعات، ومن أبرز هذه العمليات استخراج الركاز المعدني "المحتوى المعدني Metallic Content" من الخام وإزالة الشوائب والمواد الغريبة وتنقية بعض المعادن ويتم ذلك في منطقة المناجم أو بالقرب منها معتمدة على الأساليب التقنية الحديثة.
وبالرغم من أن مراحل الإنتاج المعدني تختلف باختلاف المعادن إلا أن الغرض الرئيسي منها هو زيادة الركاز المعدني "نسبة المعدن في الخام" وذلك حتى يمكن تصديره ونقله، وهذه المراحل التجهيزية تكون كيماوية في الغالب.
العوامل المؤثرة في التعدين
مدخل
...
العوامل المؤثرة في التعدين:
تتأثر حرفة التعدين بمجموعة من العوامل المرتبطة يرتبط بعضها بالمعدن ذاته وبعضها بالموقع وطرق النقل والبعض الآخر بالتقدم التقني وذلك على النحو التالي:
1- خصائص المعدن في الطبيعة:
أ- سمك طبقات المعدن أو رواسبه ذلك لأن زيادة سمك هذه الطبقات يجعل التعدين اقتصاديا ويشجع على الحفر لأعماق بعيدة.
ب- قرب الخامات المعدنية من سطح الأرض ويؤدي ذلك إلى سهولة التعدين بالحفر المفتوحة مما يقلل من التكاليف بعكس الحال إذا بعدت الخامات عن السطح مما يدعو للحفر إلى أعماق كبيرة تزيد التكاليف وتجعل المنجم بأكمله تحت سطح الأرض.
ج- نسبة المعدن في الخام: من المعروف أن نسبة الركاز المعدني تختلف من معدن لآخر فهي مرتفعة في بعض المعادن مثل الحديد ومنخفضة في البعض الآخر مثل الذهب، ولكل معدن نسبة معينة إذا قلت نسبة الركاز في الخام عنها أصبح استغلاله غير اقتصادي فإذا قلت نسبة معدن الحديد الخام عنها أصبح استغلاله غير اقتصادي فإذا قلت نسبة معدن الحديد الخام عن 50% ومعدن النحاس عن 2% زادت نفقات التعدين وقلت الأرباح بدرجة قد تؤدي إلى توقف الإنتاج.
د- نسبة الشوائب في الخام: ذلك أن الخامات المعدنية توجد مختلطة بشوائب مختلفة لا بد من استبعادها عند استخلاص المعدن من الخام وبطبيعة الحال فإنه كلما تزايدت نسبة هذه الشوائب كلما كانت تنقية الركاز المعدني منها أكثر تكلفة ومن أهم الأمثلة وجود السليكا والكبريت والفوسفور في خام الحديد، بل إن كثرة الشوائب قد تحول دون استغلال المعدن مثل وجود نسبة كبيرة من الشوائب ممثلة في السليكا والكالسيوم والبوتاسيوم في خامات الألومينا "أوكسيد الألمنيوم" بالولايات المتحدة، وتعذر استغلالها رغم الحاجة إليها حيث تستورد من الخارج.
2- الموقع الجغرافي:
سبق القول بأن الموقع الجغرافي من أبرز المقومات الجغرافية المؤثرة في الإنتاج الاقتصادي. ويعد التعدين من الحرف الهامة التي يؤثر فيها الموقع حيث يحدد إمكان الوصول إلى منطقة التعدين ونقل الخامات إلى مناطق الاستخدام ويرتبط بذلك العامل طرق النقل التي تعد أساسا للتعدين حيث تمد إلى مناطق التعدين إذا لم تكن متوفرة بها ويؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف النقل. ولعل في كثير من خطوط النقل في أفريقيا ما يدل على ذلك حيث تمتد متعامدة على الساحل لتربط مناطق التعدين بمواني التصدير.
3- التطور التقني:
يؤثر التقدم التقني تأثيرا كبيرا في عملية التعدين في مراحلها المختلفة سواء في البحث عن المعادن أو عملة التعدين ذاتها أو عمليات تجهيز الخامات ونقلها، ولا ريب في أن التقدم التقني أدى إلى زيادة كبيرة في الإنتاج المعدني في العصر الحديث، وقد قطعت الدول الصناعية المتقدمة شوطا كبيرا في استغلال معادنها في الوقت الذي ما زالت فيه كثير من الدول النامية بعيدة عن استغلال ثرواتها المعدنية كذلك فإن كثيرا من معادن الدول الأخيرة تستغله حاليا شركات ورءوس أموال أجنبية على قدر كبير من التطور التقني.
وبالإضافة إلى هذه العوامل الرئيسية هناك مقومات أخرى تؤثر في الإنتاج المعدني أبرزها توفر رءوس الأموال وتفاوت الأموال وتفاوت الطلب على المعادن ثم السياسات الحكومية المتبعة في استغلال المعادن ومدى الاعتماد على الشركات الأجنبية في هذا الصدد.
أقاليم التعدين في العالم
مدخل
...
أقاليم التعدين في العالم:
إذا نظرنا إلى توزيع موارد الثروة المعدنية على خريطة العالم نلاحظ أنها واسعة الانتشار ولكنها لا تتوزع بعدالة في الأقاليم المختلفة وليس هناك إقليم واحد يحظى بكل أنواع المعادن حتى ولو بكميات قليلة، وقد سبق القول بأن هناك علاقة مباشرة بين أنماط الحرف الزراعية والرعوية والغابية وصيد الأسماك وبين المناخ السائد، ففي كل هذه الحرف يتعامل الإنسان مع نباتات أو حيوانات يتأثر توزيعها بنظم الحرارة وسقوط الأمطار. أما بالنسبة للثروة المعدنية فيختلف الأمر اختلافا جذريا؛ ذلك لأن المناخ يؤثر فقط في ظروف التعدين وفي بعض الموارد المعدنية مثل نترات الصحراء الشيلية التي تتطلب مناخا جافا تماما لقابليتها للذوبان أما توزيع المعادن الحالية فلا يعكس الظروف المناخية الحديثة ولكن يرتبط بظروف الأرض في الأزمنة الجيولوجية السحيقة، ولذلك فإن التاريخ الجيولوجي لمنطقة ما هو مقدمة ضرورية لمعرفة أنواع موارد الثروة المعدنية التي يحتمل وجودها بها. ففي المناطق ذات الصخور الرسوبية مثلا يحتمل العثور على موارد الوقود وبعض الموارد الأخرى مثل الفوسفات والبوتاس والكبريت والجبس والصلصال والملح وفي بعض الأماكن توجد معادن فلزية في مثل هذه الصخور مثل خام الليمونيت والذهب والبلاتين الذي يوجد في الرواسب النهرية وتوجد معظم المعادن الفلزية في الصخور النارية والمتحولة "وهذه الصخور لا يوجد بها موارد وقود معدنية على الإطلاق" ويساعد على عملية التعدين تعرض المناطق الحاوية للمعادن لعوامل الالتواء والانكسار والتعرية؛ وذلك لأن ذلك يساعد على سهولة كشفها واستخراجها. ولذا تعد حرفة التعدين من الحرف الهامة في كثير من السلاسل الجبلية في العالم.
وبالرغم من أن التعدين حرفة واسعة الانتشار فإن هناك مناطق تعدينية قليلة في مساحات واسعة من العالم شمال أمريكا الشمالية وشمال أوراسيا وهضاب آسيا الوسطى وأواسط صحراء استراليا والصحراء الكبرى وحوض الكونغو ووسط أمريكا الجنوبية جنوب مرتفعات جيانا حتى بتاجونيا، وربما لم يكتشف الكثير من موارد الثروة المعدنية بهذه المناطق وتعد بذلك موارد كامنة يعتمد عليها تطوير هذه المناطق واستغلالها، وقد اكتشفت رواسب معدنية كبيرة في العقدين الأخيرين في بعض هذه المناطق وبدأ استغلالها بالفعل مثل البترول وخام الحديد والمنجنيز واليورانيوم إلا أن بعد هذه المناطق ونقص الأيدي العاملة بها وعدم توفر وسائل النقل الحديثة تعد من المشكلات الجوهرية التي تؤخر استغلالها مواردها المعدنية.
وعلى أساس تنوع المنتجات التعدينية وعدد أقاليم التعدين وكمية الإنتاج بها، فإنه يمكن تحديد ثلاث مناطق رئيسية للتعدين في العالم وهي:
1- إقليم أمريكا الشمالية:
ويمتد من وسط ألاسكا وشمال وسط كندا حتى جنوب المكسيك. وتسهم السهول الوسطى الممتدة من خليج المكسيك حتى الدرع اللورنسي بأكثر من نصف قيمة المعادن التي تستخرج في الولايات المتحدة وحوالي ربع المعادن المستخرجة من كندا. وأهم موارد الثروة المعدنية بها البترول والغاز الطبيعي والفحم والكبريت والبوتاس والملح والرمل والحصى وفي أماكن قليلة الرصاص والزنك والذهب، أما هضاب الأبلاش وأوديتها فتسهم بنحو خمس قيمة إنتاج المعادن وأهم منتجاتها الفحم والقوى الكهرومائية والأحجار لكل الأغراض والصلصال والرمال والحصى والملح والجبس وفي أماكن قليلة البترول وخام الحديد وصخور الفوسفات.
أما الهضاب والأحواض الغربية في هذا الإقليم التعديني الكبير فتسهم بحوالي ربع إنتاج الثروة المعدنية وخاصة البترول والغاز الطبيعي والقوى الكهرومائية والنحاس والموليبدنم والذهب والفضة والرصاص والزنك واليورانيوم، وفي بعض الأماكن خام الحديد والفوسفات والبوتاس.
ويوجد في الأجزاء الجنوبية من الدرع اللورنسي بعض مناطق تعدين الحديد الهامة ومحطات توليد الكهرباء من المياه وتلعب دورا هاما في إنتاج النيكل والنحاس واليورانيوم والذهب والفضة والرصاص والبلاتين وغير ذلك من المعادن.
ويزداد التعدين كثافة في هضاب وأحواض وجبال المكسيك وهي تنتج الفحم وخام الحديد بل والذهب والفضة والرصاص والزنك والنحاس والزئبق وغيرها، ويوجد الكثير من حقول البترول في إقليم السهل الساحلي لخليج المكسيك والتي تنتج معظم الاحتياجات المحلية للولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى الاحتياجات وإلى توفر موارد الثروة المعدنية في الأقاليم السابقة بكميات وفيرة فإنها تتمتع بمميزات هامة أبرزها توفر الأيدي العاملة وإمكانيات النقل الحديثة ورأس المال والأسواق التي تتزايد مطالبها الاستهلاكية.
2- الإقليم الأوراسي:
ويمتد هذا الإقليم التعديني الرئيسي من غرب المملكة المتحدة وشبه جزيرة أيبيريا حتى شرق وسط سيبيريا. ويعد غرب أوروبا من المناطق الهامة في هذا الإقليم في إنتاج الفحم وخام الحديد والقوى الكهرومائية والصلصال والرمال والحصى والأحجار للأغراض المختلفة والبوكسيت والملح والبوتاس، ويعتمد هذا الإقليم على الموارد المستوردة من النحاس والرصاص والزنك والقصدير وتقريبا كل السبائك الحديدية، وتتوفر في غرب أوروبا عدة مقومات للتعدين مثل توفر الخامات المعدنية ووسائل النقل الجيدة من سكك حديدية وطرق سيارات وطرق مائية داخلية وخطوط طيران وتوفر رءوس الأموال والأيدي العاملة والأسواق المحلية والإقليمية.
ويمثل الاتحاد السوفيتي وتوابعه الجناح الشرقي من هذا الإقليم التعديني العالمي، وينتج كل المعادن السابق ذكرها في غرب أوروبا بالإضافة إلى البترول والغاز الطبيعي والمنجنيز واليورانيوم وكميات متنوعة من السبائك والمعادن الأخرى، ويعد الاتحاد السوفيتي أقل اعتمادا على الموارد الخارجية بالمقارنة بغرب أوروبا أو حتى بالولايات المتحدة، وتبذل الحكومة المركزية جهدا كبيرا في تزايد الإنتاج المعدني زيادة كبيرة.
3- إقليم جنوب شرق آسيا:
يعد هذا الإقليم ثالث الأقاليم التعدينية الرئيسية في العالم، ويشمل الهند والصين واليابان والملايو والجزر المجاورة، ويعد الانتاج من بعض مصادر الثروة المعدنية مثل الملح والرمال والصلصال ضخما في هذا الإقليم وذلك حتى يمكن سد حاجات السكان الكثيري العدد به، وفي الأقطار الثلاثة الأولى، يعد الفحم وخام الحديد ومجموعة من السبائك على قدر كبير من الأهمية للاستهلاك المحلي، وتعد الملايو وإندونيسيا أولى دول العالم في إنتاج القصدير للتصدير وكذلك تنتج الهند المنجنيز وتصدر كمية كبيرة منه وتصدر إندونيسيا البترول والملايو والفلبين تصدران الحديد الخام إلى اليابان والفلبين تصدر الكروم والصين تصدر التنجستين.
وبالإضافة إلى هذه الأقاليم الرئيسية السابقة، هناك بعض الأقاليم الأقل أهمية والتي تمارس التعدين، مثل استراليا وغرب أمريكا الجنوبية من شرق فنزويلا حتى مضيق ماجلان والمرتفعات الرازيلية وجنوب غرب آسيا وهضاب جنوب أفريقيا وشمال أفريقيا وغرب أفريقيا، وينتج كل من هذه الأقاليم كميات ضخمة من المواد الأرضية كالصخور والأحجار لسد الاحتياجات المحلية.
وبالإضافة إلى تغطية الاستهلاك المحلي من بعض عناصر الثروة المعدنية مثل الفحم وخام الحديد وغير ذلك فإن استراليا تصدر الرصاص والزنك بكميات كبيرة، وتنتج كل أقطار غرب أمريكا الجنوبية القوى الكهرومائية، وكميات قليلة من الفحم والبترول الذي ينتج في فنزويلا وكولومبيا وبيرو.
لقد أصبحت فنزويلا وشيلي وبيرو من أهم دول أمريكا الجنوبية في التعدين؛ وذلك بفضل الشركات ورءوس الأموال الأجنبية وقد أصبحت هذه الدول مصدرة لخام الحديد وتعد شيلي مصدرا رئيسيا للنحاس والنترات واليود وتصدر بيرو النحاس والفاناديوم والأنتيمون وغير ذلك من المعادن وتصدر بوليفيا القصدير والأنتيمون والتنجستين.

__________
1 البلانكتون هو كائنات دقيقة مجهرية حية من الحياة الحيوانية والنباتية في البحار تدفعها مياه التيارات البحرية وتكون بطريقة مباشرة غذاء للأسماك والحياة البحرية ويعيش البلانكتون الحيواني على البلانكتون النباتي ومن ثم يعتمد عليه وجود الأسماك، ولهذه الكائنات الدقيقة مقدرة كبيرة على امتصاص المكونات النتروجينية المتحللة والأملاح الذائبة في مياه البحار، ولذا تعد المادة النتروجينية هي المحددة لوجود البلانكتون النباتي وتأتي أساسا من الأنهار ولذلك تكون الحياة البحرية غنية قرب الشواطئ خاصة قرب مصبات الأنهار القريبة.

1 هذه الدول الأوربية التي تمارس الصيد في شمال غرب المحيط الأطلسي الشمالي هي حسب أهميتها: البرتغال وفرنسا وإسبانيا والدنمرك والنرويج وألمانيا والمملكة المتحدة وأيسلندا وإيطاليا والاتحاد السوفيتي، وتجدر الإشارة إلى أن النرويجيين "أو النورسمن" وصلوا أيسلنده في القرن التاسع وأسسوا مستعمرة للصيد بها كذلك فإن صيادين من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والبرتغال كانوا يمارسون الصيد في هذه المياه كل صيف بعد اكتشاف أمريكا بقليل.

بواسطة : admin
 0  1  6.0K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 05:33 صباحًا الثلاثاء 19 مارس 2024.